الحلقة الثامنة من مذكرات الراحل جبريل ولد عبد الله /المهندس احمد جبريل

في انقلاب

12/12   كان خيار اللجنة العسكرية قد وقع على ولد الطايع بالإجماع، فأخذ زمام قيادة البلد في مرحلته الجديدة.
عين ولد الطايع جبريل ولد عبد الله وزيرا للداخلية، وكان جبريل -عمليا- رئيس الوزراء الفعلي، لتوليه رئاسة لجان وزارية في مختلف القطاعات.
كلف ولد الطايع جبريل بإدارة ملف العلاقات مع الجزائر والمغرب، وكان جبريل على علاقة جيدة بوزير الثقافة المغربي ووزير التجهيز والنقل الجزائري.
طلب جبريل لقاء الملك الحسن الثاني فكان له ما أراد، وكان في استقباله صديقه وزير الثقافة المغربي، الذي أقله إلى اجتماع مع وزير الداخلية المغربي إدريس البصري.
قال له البصري إن الحسن الثاني ينتظرهما في اجتماع عشاء، فذهبا إليه.
سأل الحسن الثاني جبريل عن حاجته، فشرح له وضعية موريتانيا الجديدة، وأنها لا يمكن أن تتخذ موقفا صداميا، لا مع الجزائر ولا مع المغرب، وأن هم موريتانيا الأول هو التنمية والتطور، فإذا أعانها جيرانها على ذلك فبها ونعمت، وإذا أراد أحد منهم موقفا منها يتصادم مع أحدهم فإنها ستنأى بنفسها عن أي خلاف بين الإخوة. وقال جبريل إنه سيقول للجزائريين نفس الكلام.
فرح الحسن الثاني رحمه الله بهذا الكلام وعبر عن سروره بصراحة جبريل وأعطى تعليماته لإدريس البصري بأن يدعم جبريل أي دعم لوجستي أو غيره احتاج إليه. ونشأت بعد ذلك علاقة صداقة بين الحسن وجبريل، وكان يدعوه من حين لآخر إلى مراكش في بعض عطله. وأخبرني الوالد رحمه الله أنه بعد خروجه من سجن ولد الطايع بعد ذلك بزمن، جاءه حمدي ولد مكناس رحمه الله وقاله له: لقد بعثني إليك الحسن الثاني وقال إذا كنت تريد أن تعيش معززا مكرما في المغرب فهو يرخب بك، فاعتذر الوالد وقال إنه يريد أن يقضي ما بقي من عمره في وطنه بين أهله وأصدقائه.
بعد لقائه ذلك بالملك الحسن الثاني غادر إلى الجزائر فأخبر المسؤولين بنفس الأمر فعبروا عن سرورهم واستعدادهم للتعاون.
بدأ العمل الشاق، وأطلق جبريل قانون اللامركزية، ووسع من صلاحيات الولاة ونظم التقطيع الإداري.
كان قطاع الحرس قطاعا مترهلا وكان يعاني من ضعف الموارد، فأختار له جبريل صديقه ورفيق دربه الوالد أبراهيم ولد عالي انجاي أطال الله عمره وكلفه بإصلاحه فأنجز المهمة على أكمل وجه، حتى صار بعض الوشاة يقول لولد الطايع إن جبريل أنشأ جيشا موازيا للانقلاب عليه.
كان الجيش قطاعا متعبا لم يزل يعاني بعد الحرب وسنوات الجفاف، وكانت ميزانيته ضعيفة لا تكفي لحاجياته، بسبب تراكم المسؤوليات وتأجيل صيانة المعدات وتأخير إحالة أجيال إلى التقاعد.
فتح جبريل مركزين لتدريب الجيش في اكجوجت وفم لكليته، وكان يرسل لهما سنويا أكثر من ألف متدرب.
أشرف جبريل في توليه ملف قيادة الجيش، على صيانة الطائرات الحربية واقتناء سفينة حربية متطورة من ألمانيا، وأشرف كذلك على امتحانات شفافة للضباط النقباء بدون محسوبية ولا وساطة.
بدأت الدولة تتجه بخطى ثابتة لأن تصير دولة مؤسسات تحكمها النظم والقوانين، وكانت نجاحات جبريل تؤرق بعض محبي الفساد والزبونية، فبدأت الوشايات تتصاعد إلى ولد الطايع.
تجدر الإشارة إلى أن جبريل عين بالتوالي على إدارة الأمن بالتوالي أحمدو ولد اميشين واعل ولد محمد فال، وذكر إنه ما رأى قط أحد أدرى بهما من موريتانيا، مجتمعا وجغرافيا وأمنا واقتصادا، وكانا هما أكفأ من رأى على هذا القطاع.
انتظرونا في الحلقة القادمة إن شاء الله ولاتنسونا والوالد من صالح الدعاء .

المهندس  احمد ولد جبريل

زر الذهاب إلى الأعلى