جبريل ولد عبد الله نصف قرن من خدمة الوطن

بقلم الاطار احمد ولد جبريل
مقتطفات من ذكريات

نصف قرن من خدمة الوطن
مقتطفات من ذكريات الراحل جبريل ولد عبد الله الحلقة 7:
بعد الانقلاب خرج جبريل في إجازته إلى كيفه، آخذا 45 يوما بعد تأخير إجازته سنتين.
ولم يكن مرتاحا لعدم ظهور اسمه في اللجنة العسكرية رغم كونه المنفذ المباشر للانقلاب، لكنه لم يظهر عدم ارتياحه حفاظا على روح عمل المجموعة.
استدعاه الرئيس المصطفى وقطع إجازته ليتم تعيينه قائدا للمنطقة العسكرية السادسة.
لم يمض وقت طويل حتى قرر قادة الجيش الإطاحة بولد محمد السالك، فغضب جبريل وأخبره عن طريق مدير ديوانه وقادة الجيش حينئذ مجتمعون في قيادة الأركان. وكان جبريل يريد أمرا مكتوبا من ولد محمد السالك لاعتقال الضباط. فرفض ولد محمد السالك وقال إنه لم يتول القيادة كي يحدث فتنة ويريق الدماء، وإن الدولة ليست متعلقة بشخصه، وإذا كان الضباط يريدون إزاحته فلن يعيق طريقهم، فتأثر جبريل وزاد عنده قدر المصطفى. كان أحمد ولد بسيف رئيسا للوزراء في عهد المصطفى ولم يمر من توليه رئاسة الوزراء إلا شهر وأيام حتى توفي في الحادث الشهير، وقد سماني الوالد عليه حين ولدتُ بعد الحادثة بخمسة وأربعين يوما.
استقال المصطفى ولد محمد السالك بعد خلافه مع اللجنة العسكرية، وحل محله محمد محمود ولد محمد لولي.
في يناير 1980 أصبح ولد هيدالة رئيسا، فتم تعيين جبريل واليا لنواكشوط، ثم بعد أزمة طريق الأمل ووقف السعوديين تمويل الطريق عند لعيون، تم تكليف جبريل بوزارة التجهيز، وكانت مهمته الأولى تحدي طريق الأمل.
عمد جبريل إلى الوحدات التي أشرف على العمل بها في سنوات الجفاف، وضمها إلى وزارة التجهيز وصارت وحدات الأشغال العمومية.
اجتمع جبريل بمدير شركة مندز البرازيلية، وطلب منه مساعدته في إيجاد ممولين لطريق الأمل.
بعد أيام اتصل به مدير مندز، وأخبره بأنه نظم له لقاء مع الرئيس البرازيلي.
في لقائه بالرئيس البرازيلي، شرح جبريل الوضع، وطلب منه أن تمول البرازيل إنجاز 50 كلم من الطريق، لكي يقتنع السعوديون بأن موريتانيا مستعدة للوفاء بالتزاماتها، فوافق الرئيس البرازيلي فورا.
التحدي الثاني لجبريل كان عدم وجود مختبر للأشغال العمومية، فكانت الدولة تستعين بمختبر في دكار، فقام جبريل بتأسيس مختبر الأشغال العمومية الذي ما زال موجودا إلى الآن.
كانت فترته على الوزارة فترة أعمال شاقة، أنجز فيها كذلك سد فم لگليته، وأنجز طريق ألاگ-بوگه التي لم تزل صلبة إلى اليوم.
بعد ذلك عينه هيدالة وزيرا للداخلية، وقد ذكر لي مرة مشكلة تعرض لها وزيرا للداخلية.
وهي أن منطقة في لبراكنة اسمها ليردي، كانت يستغلها بعض الساكنة في الزراعة، وكان رجل يدعي ملكية الأرض ويأتي للمزارعين ويطلب منهم خراجا من زرعهم.
في إحدى زيارات ولد هيدالة شكا إليه المزارعون من الرجل، فأمر ولد هيدالة الوالي بكتابة الأرض باسمهم ففعل.
حينها شكا الرجل إلى القاضي وهو المرحوم گواد ولد احمد بنان، فحكم له بالأرض، وأرسل معه عدلا منفذا وطرد منها المزارعين.
شكا المزارعون إلى الوالي، فرفع الوالي الأمر إلى وزير الداخلية (مولاي ولد بوخريص) فأصدرت الداخلية مقررا يقضي بالأرض للمزارعين ورجعت إليهم أرضهم، فاستأنف الرجل لدى القاضي گواد، فحكم له وبها وطرد المزارعين.
في تلك الأثناء تم تعيين جبريل وزيرا للداخلية وتم تكليفه بحل هذه المشكلة، فاستدعى القاضي گواد في مكتبه وقال له: فضيلة القاضي توجه الدولة الآن هو محاربة العبودية العقارية، والأرض لمن أحيها، وقد شكا إلينا مواطنون ظلم مالك الأرض الأصلي فرفعناه عنهم، وكلما فعلنا ذلك حكمتَ أنت له بها.
فقال القاضي: هذا صحيح، لكن أنا لا أعمل إلا بقوانينكم، والقانون يقول إني لا أستطيع أن أنتزع من أحد أرضه دون قرار من مجلس الوزراء، فإذا حصلنا على ذلك القرار ستنتهي المشكلة.
رفعت مداخلة من الداخلية إلى مجلس الوزراء بخصوص ليردي، وأن الأرض ذات نفع عام، فخرج قرار مجلس الوزراء، وتم الحكم بالأرض للمزارعين وانتهت المشكلة.
بعد ذلك وقعت توترات في اللجنة العسكرية، ووقع الانقلاب الأبيض يوم 12/12، وسنسرد التفاصيل اللاحقة إن شاء الله في الحلقة القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى