إلى المغاضبين من الحزب الحاكم / عبدالقادر ولد الصيام (رأي حر)
أظهرت الترشيحات الأولية لحزب “الإنصاف” بعض المواقف التي كانت مستورة و مخفية عن “المعارضين” و بقية المواطنين؛ حيث صرّح كثير ممن تم “إقصاؤهم” من الترشيحات من الأفراد و القبائل و الأحلاف و التكتلات السياسية بما لم يتعوّدوا عليه من خطابات رنّانة تمجّد “الدولة” و رئيسها و حزبها الحاكم ! حيث بدأوا -و ربما لأول مرة في حياتهم -بنقد الحزب الحاكم و اتهامه و اتهام قيادته و بعثاته بترشيح أقلية لا تمثل المنتسبين و لا تعبّر عن مكونات الحزب و جماهيرهم الغفيرة !!
و قد اختلفت ردود فعل هؤلاء:
-فمنهم من اعتذر عن قبول الترشيح (في منصب متأخر في اللائحة)؛ حيث لن يتم انتخابه مطلقا!
-و منهم من استقال من الحزب، و يسعى للترشح عن طريق حزب من أحزاب الاغلبية الداعمة للرئيس؛ كي لا يغضب منه صاحب الفخامة !
-و منهم من “توعّد الحزب و مرشحيه” بهزيمة نكراء، و مِنهم و مِنهم …
و يبدو أن السلطة غير راضية عن بعض ردود الأفعال؛ حيث ورد استدعاء “القصر الرمادي ” لشخصيات تم إقصاؤها و تعهّد بعض “داعميها” بتمويل أحزاب ٍ منافسةٍ للحزب الحاكم !
إن ما نشهده اليوم من غضب و نقمة على الحزب الحاكم -الذي أُسّسَ على غير التقوى و على غير مصلحة الوطن -ليس أمرًا خالصا لوجه الله و لا حُبا للوطن و مصلحته ، بل انتقاما لذات متضخمة من أفراد دأبوا على “تقاسم” الكعكة و “المشوي” مع غيرهم ، و لما تمّ حرمانهم غضبوا و ثاروا و زمجروا و هددوا و أبرقوا و أرعدوا.
إلى كل هولاء أقول لهم: إنكم تعانون اليوم -و بشكل مؤقت-مما يعاني منه معظم المواطنين في كل الأوقات و بشكل دائم؛ حيث حُرموا من حقهم في الوظيفة و الاختيار الحرّ لمن يمثلهم و يجبي الضرائب منهم، و يبني القصور ، و يشتري السيارات الفارهة، و يُرسل أبناءه للدراسة في الخارج من أموالهم، و يسرق ثرواتهم!!
و بالنسبة للذين تم ترشيحهم من “زملائكم”- سواء تم التجديد لهم أم من القادمين الجدد-فإن الجميع يعلم أنهم لم يُرشحوا و لم يترشحوا من أجل تحقيق أي مصلحة عامة للشعب ، فلا ارتفاع الأسعار يهمهم، و لا الطرق من صميم اهتمامهم، أما الصحة و التعليم و التنمية فتلك “أحلام الضعفاء”!
حلم معظم هؤلاء الذين أخذوا “أماكنكم” هو أن ينتقلوا من أحياء فقيرة إلى أخرى غنية ، و أن يركبوا سيارات فارهة ، و أن يزيدوا مالهم الحرام ، و أن يبقوا في “دائرة الضوء” و التأثير من أجل مصالح ضيقة يتقاطعون فيها مع آخرين يستخدمونهم و “يحكمون بهم” من أجل تبديد ثروات الشعب و تكميم أفواهه!!
و أتحدى معظم ” المغاضبين” أن يُعطونا بعض إنجازاتهم خلال المأمورية السابقة ، أو موقفا واحدا مشرّفا لصالح الوطن ومخالفا لحزبهم ، و كذلك الأمر بالنسبة لمُعظم مّن تم تجديد الثقة فيهم . أما “المرشحون الجدد” فالسؤال موجّه لهم -كذلك-و لكن يجب انتظار الإجابة عنه بعد أربع سنوات!! و غالبُ الظن أنهم “لن يخيبوا ظني” فيهم ، و لن يختلفوا عن من سبقهم-إلا من رحم ربك ، و قليل ما هم —!
لقد سبّبت ترشيحات الحزب الحاكم خيبةَ أمل و ذلاًّ و إهانة لبعض “المحرومين”،و هي أمور سببتها و تسببها سياسات حزبهم و حكومتهم-التي دعموها- لآلاف العاطلين عن العمل من حَملَة الشهادات و مِن المرضى المحرومين من العلاج ، و مِن ضحايا حوادث السير و الأخطاء الطبية و الأدوية المزوّرة و ضعف خدمات التعليم و البنية التحتية، و مِن الشباب الفارّ من وطنه إلى أدغال افريقيا و غابات الأمازون و جدار المكسيك ! و هم الآن يشربون من نفس الكأس التي سقوا بها غيرهم؛ فهنئيا مريئا !!
و لكل هؤلاء المغاضبين أقول : أدعوكم إلى الإعلان عن برامج انتخابية محددة و واضحة المعالم ، مختلفة عن برامج حزبكم “السابق” و إثبات أهليتكم للثقة من طرف الناخبين! و لا أدعوكم للانضمام ل”المعارَضة” غير المعارِضة ، و التي بات تحديد مفهومها و حقيقتها أبعد منالا من “إنصاف حزب الإنصاف” غير المُنصف !
ما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن الوطن للجميع ، و لا ينبغي أن يبقى رهينة لتحالفات سياسية مبنية على مصالح ضيقة تتقاسم فيها “الأطراف القوية” كامل الكعكة، فتحرم الضعفاء و الأقليات العرقية و القبلية و الحزبية ، و تكمّم أفواه المنتقِدين، و تحاصر الشباب و المعارِضين، و تمنع الشعب من اختيار مَن يُمثله في البرلمان و مَن يُسيّرُ شؤونه المحلية. و إذا بقيت الأمور تُدارُ بنفس الطريقة فإن لذلك عواقب وخيمة على مستقبل البلد و استقراره!!
و ختاما: فإنه ينبغي التساؤل عما إذا كانت موجة الغضب الحالية ستساهم في “تقليم أظافر ” الحزب الحاكم وتقليل نفوذه و تغييره لمساره و تجديد الطبقة السياسية و لو بشكل محدود ؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه سحابة صيف و انتصارا ل”الأنا” المتضخم عند البعض و غضباً من أجل الحرمان من “مشوي” المناصب و الصفقات و الامتيازات التي يحتكرها الحزب الحاكم و حكومته ، و يمنحانها ل”من يسيرون في فلكهما من غير المغاضبين و لا المغضوب عليهم”؟!